"لقد ترك المسلمون عددًا عظيمًا من كلماتهم في اللغة الصِّقِليَّة والإيطالية، وانتقل كثير من الكلمات الصقلية التي من أصل عربي إلى اللغة الإيطالية ثم تداخلت في اللغة العربية الفصحى، ولم تكن الكلمات فقط هي التي دخلت إيطاليا، وإنما تسربت أيضًا بعض جداول من الدم العربي في الجالية العربية التي نقلها معه إلى مدينة لوشيرا، الملك فريدريك الثاني... ولا يزال الجزء الأعظم من الكلمات العربية الباقية في لغتنا الإيطالية التي تفوق الحصر دخلت اللغة بطريق المدنية لا بطريق الاستعمار... إن وجود هذه الكلمات في اللغة الإيطالية، يشهد بما كان للمدنية العربية من نفوذ عظيم في العالم المسيحي".
وكانت أول مطبعة عربية في أوروبا هي تلك التي أمر بإنشائها الكردينال فرناندو دي مدتشي Ferdinando I de' Medici، كبير دوقات توسكانا Toscana وكان يرأس هذه المطبعة، التي كان مقرها في روما، شاب إيطالي من بلدة كريمونا، يدعى جيوفاني بتستا رايموندي، الذي أقام في المشرق فترة طويلة، ويحتمل أنه تعلم العربية، وعلى كل حال، فإنه اهتم بالخطوط العربية، والحروف العربية وخصائصها، فاستطاع أن يصنع حروفا عربية مختلفة الأوضاع: مفردة، متصلة بما قبلها، متصلة بما بعدها، في آخر الكلمة، وأتم حفر وتقطيع هذه الحروف العربية المتحركة المرسومة رسما جميلا، وابتداء من 6 سبتمبر 1586 بدأت المطبعة في جمع وطبع أول إنتاج لها، وهو كتاب القانون لابن سينا، ومعه كتاب النجاة الذي هو مختصر الشفاء، وتم إنجاز طبع القانون ومعه النجاة في 1593[1].
ومن أمثلة الكلمات العربية التي دخلت الإيطالية كلمة قالب العربية[2] نجدها في الإيطالية calibro، وكلمة مرتبة materasso بمعنى فراش[3] وكلمة الكحول العربية نجدها في الإيطالية alcol، وكلمة chitarra من العربية قيثار، وكلمة طرمبة العربية: Trmbp وتعني مضخة المياه، وكلمة مملوك العربية نجدها في الإيطالية mamelucco وسلطان sultano وزرافة giraffa وقيراط carato.
وكلمة ترصيع في العربية، وهو ضرب من الزخرفة على الخشب في الإيطالية Intrasio وربما انتقلت إلى الغرب عبر صقيلية. وكان اهتمام الايطاليين باللغة العربية لاسباب مختلفة منها التجارة والترجمة وقد تم افتتاح مدرسة للغة العربية في مدينة جنوة الإيطالية سنة 1207 م ومن الطبيعي أن تترسب كلمات ذات أصول عربية في اللهجات الإيطالية العامية، نتيجة لتأثير هذه المدرسة وبسبب ما تمت ترجمته من الكتب العربية ومنها الشعر العربي ولأن التجار الايطاليين تاجروا مع العرب فدخل كل منهم موانئ الاخر وربما مدنه ليشتري ويبيع، واللغات كائن حي سريع التفاعل قابل للاخذ والعطاء ودليل ذلك كم كبير من الكلمات العربية التي دخلت اللغات الأجنبية.
وكلمة Assassin الحشاشين العربية انتقلت إلى الإيطالية assassino، و أصبح سائدا لمدة طويلة أن لفظ حشيش Haschisch هو الأصل الاشتقاقي لكلمة assassin.
[1] عبد الرحمن بدوي: عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين. بيروت: دار العلم للملايين، ط1، 1984م: ق 1، ص 248.
[2] حازم جهلوم: كامات لها تاريخ في اللغات الأوروبية واللغة العربية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007 م، ص 194.
[3] حازم جهلوم: كامات لها تاريخ في اللغات الأوروبية واللغة العربية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007 م، ص 194.