يعتقد البعض بأن تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها أمرا يسيرا، لكن في الحقيقة أن متعلم أي لغة يصادف بعض المشكلات والتي تشكل عائقا في عملية التعلم، فيحتاج إلى وقت كبير حتى يتعلم اللغة.
إن اللغة العربية تمتاز ببعض المميزات والتي تشكل عائقا حتى أمام أبناء اللغة، فكيف المتعليمن من غير أبنائها؟ إن الأمر يحتاج إلى المزيد من التفكير حتى نستطيع ازالة تلك العوائق ونتمكن حينها من تعليم للغة للناطقين بغيرها، فيمكن لنا أن نصنف هذه المشكلات إلى قسمين هما:
1- المشكلات اللغوية: ويندرج تحت هذه المشكلات كل ما يتعلق في طبيعة اللغة من نظام صوتي، وصرفي، ونحوي، ودلالي، وكتابي.
2- المشكلات غير اللغوية: ويندرج تحت هذه المشكلات التي ليست لها علاقة بطبيعة اللغة إلا أنها تؤثر في تعليم اللغة بشكل مباشر وفعال منها المشكلات الإجتماعية، والمشكلات الثقافية، والمشكلات النفسية والمعرفية، والمشكلات الاقتصادية، والمشكلات التاريخية ويدخل من ضمنها المشكلات التربوية وطرائق التدريس، وهذه المشكلات معظمها موجودة ومتوافرة لدى كل من المعلم والمتعلم، وسأحاول في هذا المقال إلى التوصل إلى أبرز المشكلات وطرق علاجها حتى يتسنى للمعلمين الوصول إلى الهدف المنشود من تعلم اللغة.
تعد المشكلات الصوتية من أولى المشكلات التي قد يصادفها المتعلم لأية لغة، لأنه في أولى مراحله لتعلم اللغة فهو يتعلم أصواتا ، فجهاز النطق عند الإنسان هو الجهاز الذي ينتج الأصوات وفيه تقوم مخارج الحروف، فالأنسان عندما يتعلم منذ الصغر مخارج الحروف ويمارسها من خلال تواصله مع المجتمع لن يواجه أية مشكلات في نطق الحروف لكن متعلم اللغة الثانية من الكبار غالبا ما يجد صعوبة في نطق أصوات معينة في اللغة الهدف و يأتي ذلك بسبب عدم وجود هذه الحروف في لغته الأم، وقد تكون موجودة فيها لكنها تنطق نطقا مختلفا عنا هو عليه في اللغة الثانية، وما تمتاز به أصوات اللغة العربية من سعة في التوزيع، حيث تتوزع مخارجها ما بين الشفتين من جهة إلى أقصى الحنك من جهة أخرى بالإضافة إلى وجود الأصوات التي مخرجها من الأنف ونتيجة هذا التوزيع أدى إلى كثرة الأصوات وتنوع في مخارحها وتعدد في صفاتها، و من هذه الأصوات ما يلي:
- مجموعة الأصوات الحلقية (الهمزة، الهاء، العين، الحاء، الغين، الخاء، القاف).
- مجموعة الأصوات المطبقة (الصاد، الضاد، الطاء، الظاء)، فهذه الأصوات لا توجد في كثير من لغات العالم، لذلك معظم متعلمي اللغة العربية يواجهون صعوبة في تعلم هذه الحروف.
- مجموعة الأصوات الصائتة هي:
أ- الحركات القصيرة: الضمة، الفتحة، الكسرة
ب- الحركات الطويلة: الواو، الألف، الياء من الملاحظ أن هذه الصعوبات التي تشكل عائقا في تعلم اللغة العربية قد تتفاوت من شخص إلى آخر وذلك تبعا لعدد من العوامل اللغوية والشخصية والتعليمية، ويرى علماء اللغة التطبيقية أن وقوع المتعلم الأجنبي بهذه الأخطاء يعود إلى أربعة أسباب هي ما يلي:
1- اختلاف اللغتين في مخارج الأصوات.
2- اختلاف اللغتين في التجمعات الصوتية.
3- اختلاف اللغتين في مواضع النبر والتنغيم والإيقاع.
4- اختلاف اللغتين في العادات النطقية.
و بناء على ذلك فإن هذه الأخطاء تختلف من شخص إلى آخر تبعا لطبيعة اللغة الأم التي يتحدث بها المتعلم، فإذا كان هناك أحرف في اللغة الأم تشابه أحرف اللغة الثانية، فإن المتعلم لن يواجه أية صعوبات في نطقها، فمثلا المتحدث بالإنجليزية لن يواجه صعوبات في تعلم الأصوات التالية (الباء، التاء، الثاء، الجيم، الدال، الذال، الراء، السين، الشين، الزاي، الكاف، الميم، النون، اللام)، لكن من الصعب جدا أن يتعلم بعض الأصوات من مثل الأصوات الحلقية (الهمزة، الهاء، العين، الغين، الحاء، الخاء) لأن هذه الأصوات تخرج من مخارج لا تستعمل في لغته الأم كالأصوات المطبقة (الصاد، الضاد، الطاء، الظاء).
و هناك بعض المشكلات التي قد يواجهها الناطقين بالإنجليزية و ذلك أثناء نطقهم الحركات الطويلة (الواو، الألف، الياء) خاصة إذا ماوردت في كلمات مثل كلمة (مطار) فإنه سينطقها (مطر)، وهذه المشكلات لا تقتصر فقط على الناطقين باللغة الإنجليزية بل يقع فيها الناطقون باللغات الأوروبية بوجه عام، كما يقع فيها الناطقون بلغات آخرى في آسيا وافريقيا وذلك تبعا لمدى التشابه في الأصوات ففي الألمانية صوت (الخاء) وفي الفارسية صوت (القاف) وهكذا.
و تزداد المشكلة تعقيدا عندما يقوم المتعلم بإبدال بعض الحروف وذلك تبعا لإختلاف للغاتهم الأصلية وعاداتهم النطقية، فمثلا الناطق بالإنجليزية يبدل حرف (الضاد) إلى (دال) فيقول: بدلا من (ضرب) ----- (درب)، و الناطق بالتركية يبدل حرف (الضاد) إلى (زاي) فيقول: بدلا من (رمضان) ----- (رمزان).
1- استخدام المنهج التقابلي في عملية توضيح الفرق بين أنظمة اللغة الصوتية للغة الأم والأنظمة الصوتية للغة الثانية.
2- التدرج في تقديم الأصوات من السهل إلى الصعب وتطبيقا لهذا المبدأ لابد من تعليم الأصوات الصامتة (الباء، التاء، الجيم، الثاء، الدال، الراء، الزاي، الذال، السين، الشين، الكاف، اللام، الميم، النون) أولا مع وضعها في كلمات سهلة النطق ذات معان محسوسة، ثم تعليم الأصوات المطبقة (الصاد، الضاد، الطاء، الظاء) ثانيا مع وضعها في كلمات سهلة النطق ذات معان محسوسة، ثم ينتقل بعد ذلك إلى تعليم الأصوات الحلقية (الهمزة، الهاء، العين، الغين، الحاء، الخاء، القاف) ووضعها في كلمات سهلة النطق وبعد ذلك تقدم الأصوات الصائتة وبين الفرق بين الحركات الطويلة والقصيرة.
3- يجب أن تكون الكلمات المعطاة شائعة الإستخدام والمعنى.
4- الإهتمام بالفروق الوظيفية الفونيمية التي تؤدي إلى تغيير في معنى الكلمة، وعدم التركيز على الفروق الصوتية الألوفونية لأنها لا تؤدي إلى تغيير في المعنى.
5- استخدام تدريبات تتعلق في الثنائيات الصغري.
6- الاستعانة بالإشارات وحركات الوجه واليدين أثناء نطق الأحرف.
المقصود بالمشكلات الكتابية هنا: المشكلات التعليمية الناتجة عن طبيعة النظام الكتابي للغة الثانية، ويعرف النظام الكتابي بأنه مجموعة من الرموز المرسومة الموضوعة لتمثل الأفكار أو الكلام المسموع وفق طريقة متميزة، و هذا النظام يشتمل على الخط والإملاء والتهجئة.
إن اللغة العربية تتميز بنظام كتابي فريد وهي أقرب الأنظمة الكتابية إلى المثالية لتوفر الصفات التي ينبغي أن تتوفر في النظام الكتابي المثالي وهي: الكمال، الاتساق، الدقة، البساطة، ولاغرو في ذلك لأنه النظام الذي اختاره الله عز وجل ليكتب به القرآن والحديث والتراث الإسلامي، فهو من أوفى النظم الكتابية في العالم.
أما أبرز المشكلات التي قد تشكل عائقا في عملية تعليم اللغة العربية كلغة ثانية يمكن اجمالها بما يلي:
1- نظام كتابي يبدأ من اليمين إلى اليسار و هذا النظام غير مألوف في اللغات الآخرى، فأغلب اللغات التي تستعمل الحرف اللاتيني فإن النظام الكتابي لها يبدأ من اليسار إلى اليمين، والصعوبة هنا لا تكمن في عملية الكتابة أو الخط من اليمين إلى اليسار لأن هذا الأمر يمكن تجاوزه في أيام قليلة، لكن الصعوبة تكمن في عملية القراءة من حيث السرعة والأنتقال من سطر إلى سطر آخر مع القدرة على الفهم والاحتفاظ بالفكرة العامة للنص.
2- صور الحرف الواحد وتنوع أشكاله حسب موقعه من الكلمة واتصاله بما قبله وما بعده من الحروف أو انفصاله عنها ، مما أدى إلى الإعتقاد بأن أحرف العربية لا تتألف من (28) أو (29) حرف وإنما تصل إلى (48) حرف، فمثلا حرف (الميم) تظهر في أول الكلمة على شكل (مــ) وفي وسطها (ـــمـــ) وفي آخرها على شكل (ــــم) أو (م)، وكذلك حرف (العين)، و تزداد أشكال هذه الحروف مع نوع الخط، وذلك مما يؤدي إلى إرباك للمتعلم في القراءة والكتابة.
3- تقارب أشكال الحروف و تشابهها حيث توجد مجموعة من الحروف المتشابهة في الإطار العام ويكون الفرق بينهما عملية التنقيط من مثل (ج، ح، خ).
4- عدم التطابق التام بين نطق بعض الكلمات العربية وكتابتها، فبعض الحروف تكتب ولا تنطق مثل الألف بعد واو الجماعة (خرجوا) وهمزة الوصل واللام الشمسية، كما أن بعض هذه الحروف تنطق ولا تكتب كثل الواو في كلمة (داود) والتي تنطق (داوود)، والألف في (هذا).
5- مشكلات كتابة الهمزة، وتعدد أشكالها في أول الكلمة ووسطها ونهايتها حيث تكتب مرة على ألف، ومرة على واو، ومرة على ياء، ومرة على السطر تبعا لحركتها أو حركة ما قبلها، فضلا عن الاستثناء التي تشكل عائقا للإبناء اللغة نفسها.
6- مشكلات كتابة الألف المقصورة وصعوبة التفريق بينها وبين الياء، وكذلك صعوبة التفريق بين التاء المربوطة والتاء المفتوحة.
7- الخلط بين القواعد الإملائية والرسم القرآني.
8- مشكلات خاصة تتعلق بمتعلمي اللغة العربية الناطقين بلغات الشعوب الإسلامي التي تكتب بالحرف العربي كالفارسية والملاوية والأردية.
9- ارتباط الرسم الإملائي في كثير من قواعد النحو والصرف.
10- خلو الكتابة العربية من الشكل أي من الحركات القصيرة (الفتحة، الضمة، الكسر )، وكذلك الشدة.
1- التدرج في تعليم الكتابة حيث يقدم للمتعلم المبتدئ كلمات قصيرة سهلة النطق والكتابة.
2- الحرص على ربط الكلمة المكتوبة بالنطق السليم.
3- اللجوء إلى الكتابة الصوتية في حالات خاصة.
4- الإكثار من القراءة والكتابة بشكل مستمر.
الصرف هو دراسة بنية الكلمة وهو حلقة وسطى بين دراسة الأصوات التي تكون الصيغ الصرفية للكلمة ودراسة التراكيب التي تنتظم فيها هذه الصيغ.
وتتميز اللغة العربية بأنها تمتلك نظاما صرفيا توصف بأنها لغة متصرفة اشتقاقية، وهذه ميزة لا تتوفر في كثير من اللغات، مما يؤدي إلى صعوبات في تعلم اللغة منها ما يلي:
1- كثرة أبواب الصرف وتعدد موضوعاته وتشعب قضاياه ومسائله فلكل باب صرفي له مجموعة من القواعد وكل قاعدة تفريعات ولكل تفريع عدد من الضوابط والأحكام.
2- التداخل بين أبواب الصرف والنحو وذلك أمر طبيعي نتيجة العلاقة المتشابهة بين العلمين.
3- عدم الاطراد في بعض القضايا الصرفية، أي عدم اطراد القواعد الصرفية التي وضعها الصرفيون، بل إن ما شذ عن القاعدة قد يكون أكثر مما وافقها.
4- الخلط بين السماع والقياس في بعض أبواب الصرف.
5- هناك قضايا صرفية لم يعهدها متعلموها في لغاتهم الأم وبخاصة (الأشتقاق، والميزان الصرفي، والإفراد، والتثنية، والجمع، والتفريق بين المصادر والأفعال).
6- تأثير الصعوبات الصوتية التي يعاني منها بعض الطلبة في فهم بعض المسائل الصرفية وذلك لأن الأصوات هي مادة صرفية.
7- العلاقة بين المعنى والمبنى، فكثير من متعلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها يعتمدون على الشكل فيما يقدم لهم من مفاهيم صرفية ويهملون الجانب المعنوي الذي يكون أكثر أهمية من الشكل.
8- معظم المواد و الموضوعات الصرفية في كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، لم يتم اختيارها وفقا لمعايير علمية ونفسية وتربوية.
9- يلاحظ أن مادة الصرف في برامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها تقدم للمتعلمين من خلال طرائق التدريس التقليدية المتبعة في تدريس الناطقين بها.
النحو هو العلم الذي يهتم بالعلاقة بين عناصر الجملة أي أنه ينظم العلاقة بين أجزاء التركيب ومكوناته، فالنحو إذن شقيق الصرف لا يستغني أحدهما عن الآخر، بل لا يمكن فهم أحدهم من دون الآخر، و بناء على ذلك فإن المشكلات النحوية لا تختلف كثيرا عن المشكلات الصرفية التي يعاني منها متعلمو اللغة العربية الناطقون بغيرها، كما وأن وسائل العلاج لهذه المشكلات متشابهة إلى حد كبير.
فمن أبرز المشكلات النحوية التي يواجهها معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها هي ما يلي:
1- اختلاف بنية الجملة العربية عن بنية الجملة في كثير من لغات العالم ومن صور الإختلاف خلو الجمل العربية من الأفعال المساعدة أو أفعال الكينونة.
2- حرية الرتبة في عناصر الجملة العربية أي حرية التقديم والتأخير من مثل تقديم الخبر على المبتدأ والمفعول على الفاعل وأحيانا على الفعل.
3- اختلاف الرتب والمواقع في العربية عما هي في لغات المتعلمين.
4- الإعراب أو العلامة الإعرابية، فالإعراب سمة من سمات اللغة العربية لا تعرف في أي لغة من لغات العالم.
5- نظام العدد يعد من أكثر الأنظمة تشعبا في اللغة العربية.
6- أنماط المطابقة، فالمطابقة سمة من سمات العربية وهي واجبة بين كثير من عناصر التراكيب.
7- التذكير والتأنيث وهي مشكلة عامة في كل اللغات.
8- التعريف والتنكير وهي من أصعب المشكلات في تعليم اللغات الأجنبية.
9- بعض الجمل في العربية تكتب بطريقة لم يعهدها كثير من المتعلمين في لغاتهم الأم، حيث تكتب في شكل كلمة واحدة رغم كونها جملة تامة.
1- أن ينطلق المنهج والمعلم في برامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من المبدأ التكاملي الذي يرى أن اللغة مجموعة من المهارات التي تمثل في مجموعها الكفاية اللغوية.
2- أن ينطلق المنهج والمعلم في برامج تعليم اللغة العربية من فكرة أن الأصوات والصرف والنحو وبعض الأساليب البلاغية عبارة عن مقرر واحد.
3- أن تقدم الموضوعات الصرفية والنحوية من خلال نصوص طبيعية، غير مصطنعة ولا متكلفة.
4- أن تقدم الموضوعات النحوية والصرفية بشكل وظيفي وفقا للأساليب التربوية.
5- مراعاة الفروقات الفردية بين المتعلمين.
6- الإكثار من التدريبات الاتصالية الحقيقية.
7- ترغيب الطلبة في القراءة الحرة.
8- تحديد الأهداف السلوكية التي يمكن المعلم أن يلاحظها تحديدا دقيقا.
9- الإعتماد على تقويم الطالب من حيث كفايته اللغوية.
اللغة العربية تحتوي على ثروة عظيمة من الكلمات التي تراكمت فيها منذ أقدم العصور ومعاني هذه الكلمات تعددت وتوسعت مع مرور الزمن وتعدد الأغراض وهذا الكم من الهائل من الكلمات وتعدد المعاني وصعوبة البحث عن معانيها في المعاجم يعد من الصعوبات التي يواجهها متعلمو اللغة العربية من غير الناطقين بها.
ومن أهم المشكلات المعجمية و الدلالية التي يعاني منها متعلمو اللغة العربية من غير الناطقين بها ما يلي:
1- كثرة كلمات اللغة العربية مما يجعل من العسير على متعلميها السيطرة على كلماتها مهما أمضى الدارس من الوقت في تعلمها أو وصل إلى مستوى من المعرفة بها.
2- تعدد معنى الكلمات العربية وتنوع دلالاتها وانتقال الكلمة من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي، مما يسبب صعوبة في فهم المعنى المقصود من النص المقروء وتظهر هذه المشكلة إذا تم اختيار المواد اللغوية وتقديمها للمتعلم على أسس غير علمية من حيث الشيوع والأهمية والتدرج وغيرها من المعايير التي يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار في إعداد المناهج.
3- ارتباط الكلمات العربية بالتصريف وخضوعها للقواعد التصريفية من حيث الشكل أو البنية والميزان الصرفي والتوزيع ويشكل صعوبة على المتعلم، فالكثير من المتعلمين الذين لم يتعودوا على النوع في لغاتهم يعتقدون أن تعلم الكلمة في اللغة الهدف لا يتعدى حفظها وفهم معناها ولهذا يلجؤون إلى وضع الكلمات في قوائم و حفظ معانيها معزولة عن سياقها.
4- يواجه متعلمو اللغة العربية مشكلات في فهم بعض الكلمات واستعمالاتها ويخطئون في ذلك نتيجة تعميم القاعدة التي تعلموها في بنية الكلمة ودلالاتها ويكون الخطأ بسبب طريقة التدريس أو سوء تنظيم المنهج عندما تقدم الكلمات في قوائم مفصولة عن سياقاتها الطبيعية أو بشكل قواعد جافة لا تراعي فيها الجوانب الاتصالية والوظيفية، أو بسبب تأثير اللغة الأم في التعلم لدى الناطقين بلغات تكتب بالحروف اللاتينية أيضا عدم التفريق بين كلمات الاعجمية وأسماء الأعلام فقد يبحث طويلا عن معنى كلمة تدل على شخص ففي بعض اللغات كالإنجليزية تميز الأعلام بحرف كبير تتصدر الكلمة.
5- تصور متعلمي اللغات الأجنبية أن جميع المعاني في اللغات واحدة وأن الأختلاف في الكلمات الدالة عليها ويعتقدون أن كلمة في اللغة الهدف ما يقابلها في لغته الأم وهذا غير صحيح في كثير من الحالات مثال (عم و خال) كلمتان تقابلهما في الإنجليزية كلمة واحدة هي (Uncle).
6- تصور المتعلم أن المعاني التي تدور في ذهنه يمكن استعمالها بالطريقة التي كان يستعملها في لغته الأم مع اختلاف اللفظ فقط والسبب في هذه المشكلة الاعتماد على الترجمة من تأثير لغته الأم وصعوبة التعبير عن المعاني العربية بالكلمات والأساليب العربية.
7- إغفال المتعلمين الجوانب الثقافية والدلالات الثانوية لبعض الكلمات فلا يدرك بعضهم أن المعنى المعجمي لا يكفي لبيان معنى الكلمة ما لم تشرح في السايق الذي وردت فيه.
8- صعوبة البحث في المعاجم العربية عن معنى الكلمة التي يصعب على المتعلم فهمها لأن ذلك يستلزم أن يحدد مادة الكلمة وجذرها وهذا الأمر صعب خاصة في المراحل الأولى من التعلم.
1- اختيار الكلمات اختيارا علميا دقيقا وتقدم للمتعلمين تقديما جيدا يراعي فيها الأساليب العلمية التربوية فلا بد أن تكون الكلمات شائعة الاستعمال وتقدم بشكل تدريجي من السهل إلى الصعب.
2- تقدم الكلمات بنسب متقاربة من خلال أنماط شائعة الاستعمال ومتدرجة من حيث الصعوبة والتعقيد بما يتناسب مع مستوى المتعلمين بحيث تكون فوق مستوى المتعلمين قليلا فلا تكون سهلة جدا ولا صعبة جدا.
3- يكون اختيار الكلمات وترتيبها وتقديمها مبنيا على الدراسات اللغوية النفسية في اللغة العربية التي تبين التدرج الطبيعي لاكتساب مورفيمات اللغة العربية وصيغها الصرفية ووظائفها النحوية.
4- تقدم الكلمات الجديدة ذات المعاني غير المألوفة لدى المتعلمين من خلال أنماط مألوفة وتراكيب قصيرة وأساليب سهلة ليتمكن الطالب من معرفة معنى الكلمة الجديدة من غير حاجة للبحث عنها في المعجم.
5- ينبغي أن تراعي حاجة المتعلمين إلى كلمات معينة في كل مرحلة من مراحل التعلم حتى لو كانت هذه الكلمات معقدة (خاصة المصطلحات التي يحتاجها المتعلمون في مجال قراءة النصوص الشرعية أو الأدية).
6- يجب أن يكون محتوى النصوص معروفا ومفهوما لدى المتعلمين فلا يجمع النص بين صعوبة الكلمات وغرابة المعنى.
7- يجب أن تصاحب المقررات بعض المواد القرائية من كتب وقصص يستفيد منها المتقدمون باللغة لتزداد ثروتهم اللغوية.
8- تزويد الكتاب بالصور التوضيحية اللازمة بشرط أن تكون واضحة وضرورية و أن توضع في مكانها المناسب.
9- تشجيع الطلاب على فهم الكلمة في سياقها الذي وردت فيه وعدم حفظها في قوائم معزولة عن سياقها.
10- تحذير الطلاب من استخدام معاجم ثنائية اللغة وحثهم على استخدام معاجم آحادية اللغة لأنها تثري حصيلتهم اللغوية وتزودهم بالأمثلة والإستعمالات الحقيقية للكلمة.
1- المشكلات الاجتماعية: ونعني بالمشكلات الاجتماعية هي تلك المشكلات أو الصعوبات التي يواجهها المتعلم في البيئة اللغوية الجديدة وتلك الحضارة التي تنتمي إليها اللغة المتعلمة.
فمثلا الطالب الأجنبي إذا أراد أن يتعلم اللغة العربية فإنه سيتوجه إلى البلاد العربية رغبة منه في التعلم ففي هذه الحالة فإنه سيواجه مشكلات متعددة منها ما يلي:
1- مشكلة التأقلم مع المجتمع العربي من حيث اللغة، فلابد له أن يتعلم اللغة العربية بشكل سليم حتى يستطيع أن يندمج مع المجتمع ويتعايش معهم.
2- مشكلة التأقلم مع المجتمع العربي من حيث العادات والتقاليد، فإن المتعلم سيواجه صعوبة في التأقلم مع العادات والتقاليد العربية.
3- مشكلة التعرف على حضارة المجتمع العربي، فلذلك لابد أن يتعرف المتعلم على معالم الحضارة العربية حتى ينسجم مع طبيعة اللغة المتعلمة، وذلك يساعد على فهم الفكر السائد في اللغة لأن اللغة هي نقطة التواصل بينهم.
4- و من المشاكل الاجتماعية أيضا الطرائق أو الأساليب التي يخاطب بها أفراد المجتمع الواحد بعضهم البعض، إذ تختلف حسب جنس المتحاورين والسن.
5- مشكلة الدمج مع أبناء اللغة الثانية وخوفهم من ردة الفعل، فعندما يخطئ المتعلم في لفظة معينة فإنهم يسخرون منه، و هذا يؤدي بالطبع إلى إرباك للمتعلم.
6- ومن المشكلات الاجتماعية التي قد يواجهها استخدام بعض العبارات والمصطلحات في غير سياقها، لذلك عليه أن يتعلم المواقف الفعلية لتلك التعابير.
7- ومن المشكلات أيضا اختلاف اتجاهات المتعلمين وتعدد الثقافات داخل الحجرة الدراسية.
8- ويندرج ضمن هذه المشكلات، مشكلة الإستهزاء باللغة والنظرة الدونية لها.
2- المشكلات النفسية: وتنبع المشكلات النفسية من تنوع الخلفيات اللغوية والثقافية، و منها ما يعود إلى طبيعة المتعلم النفسية، و أن هذه المشكلات تتفاوت من شخص إلى آخر.
يمكن تصنيف هذه المشكلات ضمن مجال واحد هو الفروق الفردية غير اللغوية وهذا المجال سيتم تقسيمه إلى ما يلي:
1- الدوافع نحو التعلم: الدافع أو الحافز يشكل أهمية كبيرة في نجاح المتعلم أو فشله في العملية التعليمية للغة الثانية، وهذه الدوافع تقودنا للحديث عن عدد من الموضوعات، وهي :
** الحاجة إلى الاتصال باللغة الثانية الهدف الاساس الذي يرمي إليه المتعلم هنا هو عملية التواصل و ستعمال اللغة لقضاء متطلباته، غير أن هذه الحاجة تختلف من شخص إلى لآخر حسب طبيعة الشخص وبيئته و ثقافته.
** الاتجاهات نحو مجتمع اللغة الثانية تصنف الاتجاهات نحو اللغة الثانية عادة إلى ايجابية، و سلبية، ومحايدة، ومن المعروف أن الاتجاه الإيجابي نحو مجتمع اللغة الثانية وثقافتهم يدفع بالمتعلم إلى الرغبة في التواصل مع الناطقين باللغة والرغبة في الاندماج معهم، وهذا يزيد من الدخل اللغوي وبذلك يتمكن المتعلم من السيطرة على مهارات اللغة، أما الاتجاه السلبي وهذا يمنع المتعلم من الاختلاط بالناطقين باللغة ونتيجة ذلك يقل دخله اللغوي وتصنف كفايته اللغوية.
** تنوع الدوافع تقسم الدوافع نحو تعلم اللغة إلى نوعين رئيسين هما:
أ – دوافع اندماجية تكاملية
ب- دوافع نفعية مادية
فالدوافع الاندماجية التكاملية هي التي يكون فيها الدافع إلى تعلم اللغة الهدف هو الاندماج مع أهل اللغة والرغبة في العيش معهم وغالبا ما تكون هذه الدوافع من متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها من أبناء المسلمين، أما الدوافع النفعية المادية هي التي يكون فيها الدافع إلى تعلم اللغة الثانية من أجل تحقيق هدف معين كالحصول على عمل أو شهادة.
وقد أثبتت الدراسات بأن الدوافع الاندماجية التكاملية أقوى في عملية التعلم لأن المتعلم في هذه الحالة يتقمص شخصية الناطق باللغة، غير أن هناك دراسات أثبتت أن الأمر يتعلق بنوعية المتعلمين وطبيعة اللغة الهدف.
2- فرص التعلم: فرص التعلم لا تقل أهمية عن الدوافع نحو تعلم اللغة ولها أهمية كبيرة في نجاح المتعلم أو فشله اتجاه اللغة، وفرص التعلم تتفاوت من شخص إلى آخر ولها أربعة جوانب:
** فرص استعمال اللغة إذا كان الهدف الاساس من تعلم اللغة هو استعمال اللغة فإن عملية التعلم تصبح أفضل وفرص استعمال اللغة تتفاوت من شخص لآخر حسب بيئاتهم وثقافاتهم وطبيعة حياتهم، فالمجتمعات الثنائية اللغة تكون اللغة الهدف إحدى لغاتهم الرسمية فغرض استعمالها أكثر من غيرها، كما أن ميادين العمل يتطلب من الشخص استعمال اللغة الهدف.
** بيئة العمل فعندما يشعر المتعلم بأنه قلق وعدم الأمان فإن ذلك يشكل عائقا وحاجزا نفسيا يحول دون عملية الاتصال مع أهل اللغة وعندما يصل هذا الحاجز ذروته يكون عائقا في عملية التعلم، ويقصد في بيئة التعلم المكان العام الذي يعيش فيه أو حجرة الدراسة هما البيئتان اللتان يتم فيهما اكتساب اللغة، ففي حجرة الدراسة يشعر المتعلم بالخوف إذا كانت الأنشطة التعليمية، بيد المعلم وحده وقد يطلب المعلم من المتعلم أن يتحدث أمام زملائه وهو لا يمتلك اللغة فيشعر بالاحراج والنقد.
** طبيعة الدخل اللغوي ويقصد بالدخل اللغوي هو كل ما يسمعه أو يقرأه باللغة الهدف فهو أشبه باللغة التي يتلقاها الطفل في مرحلة اكتسابه لغته الأم، ويقصد به أيضا مقدار ما يتعلم من كلمات ومفردات خارج الحجرة الدراسية واستطاعة المتعلم من توظيف هذه المفردات في عملية التواصل مع المجتمع الذي يعيشه ويجب أن يمتاز الدخل اللغوي بعدة ضوبط وقوانين معينة حتى تتكون لديه كفاية لغوية، وأن الدخل اللغوي الذي يكتسبه من المناهج والمقررات لن يكون كافيا لأنه لم يتعود على كيفية توظيف المفردات، لذلك يجب توفير الدخل المثالي للمتعلم حتى يستطيع أن يتعايش مع اللغة ومع أهلها.
** آثار التعليم الصفي اختلف العلماء أن المتعلم يستفيد أكثر من خلال الفصول الدراسية المنتظمة التي تعتمد على كتب ومناهج، وقد برزت هذه القضية أثناء بدء الحديث عن الفصل بين عمليتي الاكتساب والتعلم، وقد أثار هذه القضية العالم اللغوي الامريكي (ستيفن كرشن) الذي يفرق بين مفهومي التعلم والاكتساب وذلك بأن المتعلم يتعلم داخل الغرفة الصفية مجموعة من المفردات اللغوية وقواعدها، وذلك لا علاقة له بعملية الاكتساب وأن هذا التعلم لا يتحول إلى اكتساب لأن الاكتساب في نظر (كرشن) يتم من خلال فهم اللغة الهدف واستعمالها في المواقف الطبيعية غير أن بعض الباحثين في هذا الميدان لا يتفقون مع هذه النظرة ولا يؤمنون بالتفريق بين التعلم والاكتساب.
3- القدرة على التعلم ويقصد بها توفر مجموعة من العوامل التي تكون سببا في قدرة الطالب على تعلم اللغة وتشتمل على ما يلي:
** العوامل العقلية المعرفية هناك عدة عوامل تساعد المتعلم على تعلم اللغة منها؛ الذكاء، والذاكرة، والاستعداد اللغوي، غير أن الدراسات اللغوية النفسية لا تهتم إلا بجانب واحد هو الاستعداد اللغوي، ويمكن التعرف على هذا الجانب من خلال اختبارات خاصة يطلق عليها اختبارات اللغة التطبيقي وأن النتائج المرجوة من هذه الاختبارات تساعد على عملية التنبؤ في قدرة الانسان على التعلم والوصول إلى الكفاية اللغوية المطلوبة.
** شخصية المتعلم يتميز بعض المتعلمين بسمات شخصية قد يكون لها علاقة ايجابية أو سلبية في تعليم اللغة الثانية، فمثلا الطالب الذي يتميز بالمرح ستكون عملية التعليم لديه أفضل من المتعلم المنطوى على نفسه في تعلم اللغة الثانية.
** السن من الأمور التي اختلف عليها علماء اللغة متى نقدم اللغة الثانية؟ وما هي المرحلة العمرية؟ هناك من ينادي بأن تعلم اللغة الثانية يبدأ منذ الصغر لأن الطفل سيكون أقدر من الكبير في تعلم اللغة الثانية وهذا الاعتقاد سليم، لكن هناك من يعارض هذا الرأي ويقول بأن الكبار وخاصة في سن الثانية عشرة تقريبا سيكون قادرا على تعلم اللغة الثانية.
** استراتيجيات التعلم ويقصد بها مجموعة الاساليب والانشطة العقلية والعملية التي يقوم بها المتعلم عن قصد و ذلك من أجل أن يستعين المتعلم في حفظ المعلومات واسترجاعها والاستفادة منها في تيسير عملية التعليم، وقد صنفت الاستراتيجيات إلى مجموعات متعددة يتبعها متعلمو اللغات الاجنبية منها ما يلي:
الاستراتيجيات المعرفية، الاستراتيجيات فوق المعرفية، الاستراتيجيات الاجتماعية، الاستراتيجيات الوجدانية، لكن أهم الاستراتيجيات التي تركز وتعتني بعدة أمور هي: الانتباه، والتحضير، والتخطيط، ومراقبة الحديث.
1- مراعاة الفروق الفردية عند وضع المناهج الدراسية وتأليف الكتب.
2- مراعاة الجوانب اللغوية والثقافية واختلاف البيئات لدى متعلمي اللغات.
3- التعرف على دوافع المتعلمين.
4- مراعاة التنوع في الاساليب التدريسية
3- المشكلات الثقافية: ثمة منطلقات أساسية تجعل من الثقافة جزءا أساسيا من تعلم اللغة الثانية، وأهم هذه المنطلقات أن التعامل مع الناطقين باللغة لا يعتمد فقط على اتقان مهارات اللغة الأربعة وهي الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة، بل يعتمد ذلك على فهم ثقافة أهل اللغة وعاداتهم وتقاليدهم وتطلعاتهم، أي بإختصار شديد على ثقافتهم، عدا ما للثقافة من أبعاد ماضية وحاضرة ومستقبلية، لذلك ينبغي تناول هذا الجانب من جوانب تعلم اللغة.
ولا نحسب من اليسير تعلم لغة ما دون التعرض لأسلوب حياة أصحابها قيمهم واتجاهاتهم وأنماط معيشتهم، إذ إن تعالق اللغة والثقافة من حيث إن اللغة حاملة لهوية ثقافة الناطقين بها، الأمر الذي يؤدي إلى استحالة فصل أي لغة عن ثقافتها، ويؤكد ذلك صعوبة الترجمة من لغة إلى آخرى ولا سيما في المفاهيم الثقافية مثل الصلاة والحج والصيام، ولكن السؤال المطروح ما المقصود بالثقافة، وأي ثقافة التي ينبغي أن نشير إليها في معرض حديثنا عن تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، أهي الثقافة العربية أم الإسلامية أم كلاهما معا.
** مفهوم الثقافة يعرف العالم (رالف لينتون) الثقافة بأنها: ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والعائد والفن والأخلاق والقانون والعادات وغيرها من القدرات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في مجتمع ما، و بناء على هذا التعريف ندرك ما للثقافة من علاقة وثيقة بعلم اللغة الاجتماعي، ومما يؤكد ذلك تعريف العالم (وارد جويناف) للثقافة بأنها: المعرفة المكتسبة اجتماعيا، وكون الشعوب تختلف فيما بينها في كثير من الأمور وبالتالي فإن الثقافات لابد أن تختلف من مجتمع لآخر، فكلما كان الاختلاف بينها كبيرا كان الاختلاف الثقافي كبيرا وتقل درجة الاختلاف تبعا لذلك.