لا أحد يُنكر أنَّ لُغتنا اليوم تُعاني أزمةً حقيقيَّةً؛ من حيث اهتمامنا بها، وإتْقاننا لها؛ سواء على المستوى الشخصي لكل واحدٍ منَّا على حِدَة، أو على المستوى الأكاديمي والتعليمي، وحتى على مستوى الدول.
أصبَح اليوم للأسف من علامات الشخص المثقَّف المتمدِّن، أن يُطعمَ حديثه بكلمات أعجميَّة من لغات أجنبية في حديثه اليومي، وهذا للأسف علامة على ضَعف وخللٍ كبيرين فينا نحن أهلَ هذه اللغة الكريمة.
إنَّ اعتزاز الناس بلُغتهم يقتضي منهم حبَّها والاهتمام بها، والافتخار بها، والانتصار لها، والغوص على أسرارها.
لكنَّا اليوم مُقَصِّرون - في هذا الجانب - أيَّما تقصيرٍ، تمشي في شوارعنا، فتَنظر إلى واجهات المحال والمطاعم، فتراها كُتِبت بلغات شتَّى، إلاَّ العربية لغة القوم ولسانهم، فكأنَّك تَمشي في لندن أو باريس، ولستَ في القاهرة أو الرباط.
إنَّ اللغة يا سادة عندنا ليستْ مجرَّد أداة للتواصُل فقط، بل هي جزء من هُويَّتنا، ودعامة أساسية من دعامات نَهضتنا، ورُكن ركين من أساسات اجتماعنا.
كيف لا وهي لغة القرآن الكريم والسُّنة النبوية المُشرَّفة، وبها يُفهم المراد، وقد نصَّ أكثر من عالِم من علمائنا المُعتبرين: أنه لا فَهْمَ صحيحًا للكتاب والسُّنة بغير علمٍ وفَهمٍ لهذه اللغة العظيمة، بل عدُّوا من شروط المجتهد عِلْمه بالعربية.
يا قومَنا، لُغتنا اليوم تُعاني من غُربة في أوطانها، وقسوة عليها من أبنائها، فلا بدَّ من الاهتمام بها، وتشجيع الناس على الكلام بها، والاعتزاز بها، وعلى العلماء والأدباء العمل على نَشْر دُرَرها وأدبها بين الناس.