العربية لغة الإيجاز والإعجاز

كلمات في إعجاز القرآن الكريم وإيجازه، وهي في أصلها محاضرة ألقاها الباحث، وتركز على مزية الإيجاز في اللغة العربية والإعجاز فيه.

المؤلف: internet polyglot المصدر: الألوكة التاريخ : 13/01/2020 المشاهدات : 1480

المحتوى


كان هذا عنوان محاضرة دعيت إلى إلقائها في الجامعة العربية المفتوحة تحت رعاية معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الغانم مدير فرع الجامع بالكويت.

وقد تحدثت فيها عن روائع العربية وجمالياتها وطرائفها وبدائعها، منطلقا من بيانها الساحر وجمالها الآسر الذي عبر عنه أمير شعرائها شوقي بقوله:

إن الذي ملأ اللغاتِ محاسنا      جعل الجمال وسره بالضادِ

والمحاضرة تركز على مزية الإيجاز في العربية، وقد عرِّفت البلاغة قديما بأنها الإيجاز، ووردت في ذلك أخبار، ورويت في ذلك شواهد وأشعار، ناهيك عما جاء به القرآن الكريم من إيجاز بلغ حد الإعجاز، وما نطق به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم، وفصيح الخطب. 

وقد استهللتها بتعريف الإيجاز، الذي جاء في سؤال معاوية لصحار بن عياش: ما تعدون البلاغة فيكم؟ فقال: الإيجاز. قال: وما الإيجاز؟ قال صُحار: أن تُجيب فلا تبطئ، وتقولَ فلا تخطئ. فقال له معاوية: أو َكذلك تقول يا صُحَار؟ قال صُحار: أقِلْني يا أمير المؤمنين، ألا تُبْطِئ ولا تُخْطئ. 

وفي رواية: قال له: مثل ماذا؟ قال: مثل هذا.

فانظر كيف أوجز وأعجز!! فما أسرع جوابه وما أحسن صوابه!! 

ثم عرضت لمواقف طريفة يتبدّى فيها حسن الارتجال مع البديهة الحاضرة والإصابة النادرة. 

فمن ذلك أنه قيل للرشيد: إن عبد الملك بن صالح يعدّ كلامه، فأنكر ذلك الرشيد، وقال: إذا دخل فقولوا له: ولد لأمير المؤمنين في هذه الليلة ابن ومات له ابن، ففعلوا. فقال: سرّك الله يا أمير المؤمنين فيما ساءك، ولا ساءك فيما سرك، وجعلها واحدة بواحدة، ثواب الشاكر، وأجرَ الصابر، فعرفوا أنّ بلاغته طبع. 

واستشهدت بنصوص تخيَّرتها من القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر البديع والأمثال السائرة والخطب البليغة والحكم البالغة. 

ثم ختمت بالقول:

وبعد.. فهل يعتصر البحر بقطرة؟!.. أو يختصر الجبل بصخرة؟!.. أو يجتزأ الروض بزهرة؟!.. كل هذا لا يكون!

فالعربية أعظم من أن يحيط بوصفها لسان، أو يعبر عن جمالها وأسرارها بيان.. 

وحسبها شرفا أنها كانت لغةَ القرآن، البيان الإلهي الذي قال في وصفه جل في علاه:

﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 192- 194] 

ولها الحق أن تفخر - على لسان شاعرها حافظ إبراهيم - فتقول:

وسِعتُ كتابَ الله لفظاً وغايةً   ..   وما ضقْتُ عن آيٍ بهِ وعِظاتِ

فكيف أضيقُ اليومَ عن وصفِ آلةٍ  ..   وتنسيقِ أسماءٍ لمخترعاتِ

أنا البحرُ في أحشائِهِ الدُّرُّ كامنٌ   ..   فهل سألوا الغوَّاص عن صدفاتي

 فما أحوجنا إلى أن نسأل!!

وما أحوجنا إلى أن نغوص!!

التعليقات

  • فضل اللغة العربية 2
    فضل اللغة العربية 2

    ملف يتحدث عن فضل اللغة العربية من خلال قصيدة للشيخ محمد القاضي الحسين رحمه الله ألقاها في افتتاح المؤتمر اللغوي بالقاهرة سنة 1941م.

  • تدريس مهارة الاستماع 2
    تدريس مهارة الاستماع 2

    فيديو لدورة تدريبية لطريقة تدريس مهارة الاستماع، وأهمية المواقف التواصلية في اختيار المفردات التعليمية.

  • التعدد اللغوي وأثره في تعليم وتعلم الفصحى
    التعدد اللغوي وأثره في تعليم وتعلم الفصحى

    مقال يبرز ظاهر الازدواجية اللغوية وأثرها في تدريس اللغة العربية الفصحى.

  • أثر اللغة العربية في اللغة الإنجليزية
    أثر اللغة العربية في اللغة الإنجليزية

    يبحث المقال تأثير اللغة العربية في اللغة الإنجليزية، لا سيما بعد الفتوحات العربية للبلاد الأعجمية، بالإضافة إلى اهتمام الغرب باللغة العربية، كما ذكر في المراجع، وخصوصًا بعد ترجمة جداول الخوارزمي. 

  • من أسرار اللغة
    من أسرار اللغة

    يبحث الكتاب في طرائق نمو اللغة، والإعراب، والقياس، ثم يبدأ بأبواب الأفعال، ثم الاشتقاق، والقلب والإبدال، ثم يبحث في الارتجال في اللغة.

  • طبيعة العلاقة بين اللغة العربية ولغة الأورومو
    طبيعة العلاقة بين اللغة العربية ولغة الأورومو

    يبحث المقال تاريخ نشأة اللغة العربية، وعلاقة الاشتراك في الأصول مع اللغات الإفريقية، ومقارنة بعض الألفاظ العربية مع الألفاظ الأورومية.