العربية لغة الإيجاز والإعجاز

كلمات في إعجاز القرآن الكريم وإيجازه، وهي في أصلها محاضرة ألقاها الباحث، وتركز على مزية الإيجاز في اللغة العربية والإعجاز فيه.

المؤلف: internet polyglot المصدر: الألوكة التاريخ : 13/01/2020 المشاهدات : 2031

المحتوى


كان هذا عنوان محاضرة دعيت إلى إلقائها في الجامعة العربية المفتوحة تحت رعاية معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الغانم مدير فرع الجامع بالكويت.

وقد تحدثت فيها عن روائع العربية وجمالياتها وطرائفها وبدائعها، منطلقا من بيانها الساحر وجمالها الآسر الذي عبر عنه أمير شعرائها شوقي بقوله:

إن الذي ملأ اللغاتِ محاسنا      جعل الجمال وسره بالضادِ

والمحاضرة تركز على مزية الإيجاز في العربية، وقد عرِّفت البلاغة قديما بأنها الإيجاز، ووردت في ذلك أخبار، ورويت في ذلك شواهد وأشعار، ناهيك عما جاء به القرآن الكريم من إيجاز بلغ حد الإعجاز، وما نطق به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم، وفصيح الخطب. 

وقد استهللتها بتعريف الإيجاز، الذي جاء في سؤال معاوية لصحار بن عياش: ما تعدون البلاغة فيكم؟ فقال: الإيجاز. قال: وما الإيجاز؟ قال صُحار: أن تُجيب فلا تبطئ، وتقولَ فلا تخطئ. فقال له معاوية: أو َكذلك تقول يا صُحَار؟ قال صُحار: أقِلْني يا أمير المؤمنين، ألا تُبْطِئ ولا تُخْطئ. 

وفي رواية: قال له: مثل ماذا؟ قال: مثل هذا.

فانظر كيف أوجز وأعجز!! فما أسرع جوابه وما أحسن صوابه!! 

ثم عرضت لمواقف طريفة يتبدّى فيها حسن الارتجال مع البديهة الحاضرة والإصابة النادرة. 

فمن ذلك أنه قيل للرشيد: إن عبد الملك بن صالح يعدّ كلامه، فأنكر ذلك الرشيد، وقال: إذا دخل فقولوا له: ولد لأمير المؤمنين في هذه الليلة ابن ومات له ابن، ففعلوا. فقال: سرّك الله يا أمير المؤمنين فيما ساءك، ولا ساءك فيما سرك، وجعلها واحدة بواحدة، ثواب الشاكر، وأجرَ الصابر، فعرفوا أنّ بلاغته طبع. 

واستشهدت بنصوص تخيَّرتها من القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر البديع والأمثال السائرة والخطب البليغة والحكم البالغة. 

ثم ختمت بالقول:

وبعد.. فهل يعتصر البحر بقطرة؟!.. أو يختصر الجبل بصخرة؟!.. أو يجتزأ الروض بزهرة؟!.. كل هذا لا يكون!

فالعربية أعظم من أن يحيط بوصفها لسان، أو يعبر عن جمالها وأسرارها بيان.. 

وحسبها شرفا أنها كانت لغةَ القرآن، البيان الإلهي الذي قال في وصفه جل في علاه:

﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 192- 194] 

ولها الحق أن تفخر - على لسان شاعرها حافظ إبراهيم - فتقول:

وسِعتُ كتابَ الله لفظاً وغايةً   ..   وما ضقْتُ عن آيٍ بهِ وعِظاتِ

فكيف أضيقُ اليومَ عن وصفِ آلةٍ  ..   وتنسيقِ أسماءٍ لمخترعاتِ

أنا البحرُ في أحشائِهِ الدُّرُّ كامنٌ   ..   فهل سألوا الغوَّاص عن صدفاتي

 فما أحوجنا إلى أن نسأل!!

وما أحوجنا إلى أن نغوص!!

التعليقات

  • تعليم اللغة للناطقين بغيرها
    تعليم اللغة للناطقين بغيرها

    كتاب يقسَّم إلى وحدات تبحث في علم اللغة وتعليم اللغات، ومنهج وطرائق التعليم، وتدريس المهارات اللغوية، والتدريبات اللغوية.

  • غاية الإحسان في خلق الإنسان
    غاية الإحسان في خلق الإنسان

    كتاب رتب على المعاني وتناول خلق الإنسان، ويعد من معاجم المعاني، فيتناول مظاهر الحياة كلها التي تتمثل في الأجسام منذ أن كان رضيعًا حتى يفنى.

  • مستقبل اللغة العربية
    مستقبل اللغة العربية

    فيديو يسلط الضوء على مستقبل اللغة العربية في العصر الرقمي، مع الأمثلة على المنصات اللغوية المستخدمة.

  • أهدى سبيل إلى علمي الخليل العروض والقافية
    أهدى سبيل إلى علمي الخليل العروض والقافية

    يحاول هذا الكتاب تقريب العلمين من الدارسين، وتيسيرهما لهم، بحيث ذكر البحور الشعرية، وأكثر من التطبيق عليها عقب ذكرها، وبعد كل بحرين أنشأ تطبيقًا يعمهما، وبعد كل مجموعة تطبيق شامل.

  • ازدواجية اللغة النظرية والتطبيق
    ازدواجية اللغة النظرية والتطبيق

    مقال يبحث فيه كاتبه أسباب تدني التحصيل في اللغة العربية، من خلال قراءة في الواقع التعليمي العربي.

  • اللغة العربية بحر البحور
    اللغة العربية بحر البحور

    مقال يبين عمق اللغة العربية من خلال أدوات النفي، ومقارنتها بأدوات النفي باللغة الإنجليزية، مع الاستشهاد بالأدلة والأمثلة.