تتفرع اللغات السامية عن أسرة اللغات السامية الحامية أو ما يعرف باللغات الأفروآسيوية.
وقد كان المؤرخ الألماني أوغست فون شلوتْسَر (1735ـ 1809) أول من استعمل مصطلح "اللغات السامية"، وموطنها بلاد الرافدين وبلاد الشام والجزيرة العربية وشمالي إفريقيا، وهي من أقدم لغات العالم. هناك كتابات مدونة باللغات السامية منذ نحو خمسة آلاف سنة، ولا بد أنها كانت لغاتٍ محكية قبل ذلك بكثير، وهي التي قدمت أول أبجدية عرفها التاريخ.
انقرض معظمها سوى العربية والأمهرية والعبرية والتغرية، وبقيت اللغة الآرامية لغة المحادثة في مجتمعات النصارى الآشوريين في منطقة شرق البحر المتوسط، و تستعمل فيما عدا ذلك في الشعائر الدينية، وقد حفظت بعض هذه اللغات قروناً في النصوص الدينية، بعد أن كفت عن كونها لغة متداولة.
المجموعة الشمالية الشرقية: وتضم لغة واحدة هي اللغة الأكَّدية التي تعد أقدم لغة سامية ثبت وجودها من خلال النصوص المسمارية، موطنها بلاد الرافدين، في بابل وآشور (أو ما يعرف اليوم بالعراق) وقد حلت محل اللغة السومرية في تلك المنطقة ما بين 2300 إلى 500ق.م.
المجموعة الشمالية الغربية: وتضم اللغات العمورية والأُغاريتية والكنعانية والآرامية.
العمورية: يعود تاريخها إلى ما بين 2000 إلى 1500ق.م. استعملت في منطقة شمالي سورية، لا يعرف عنها إلا القليل، والدليل الوحيد على وجودها يستند إلى بعض التفاسير للنقوش القديمة وبعض الأسماء الشخصية التي وردت في النصوص الأكدية والمصرية، والأرجح أن قبائل البدو الرحّل هي أول من استعمل هذه اللغة.
الأُغاريتية: كُتبت بها بعض الملاحم، ووجدت أول مخطوطاتها في أثناء التنقيب في أواخر العشرينيات من القرن العشرين في منطقة رأس شمرا في سورية مكتوبة بالخط المسماري، تبدو هذه اللغة وكأنها الكنعانية في مراحل تطورها الأولى.
الكنعانية: وهي مجموعة من اللغات المتقاربة واللهجات التي كانت سائدة في سورية وفلسطين، يعود تاريخ مخطوطاتها إلى سنة 1500 ق.م. وتعد اللغة الفينيقية أهم اللغات الكنعانية القديمة، إضافة إلى البونيّة أو الفونية والمؤابية والإدمونية والعمونية والعبرية التي استعملت كلها الخط الفينيقي في بادئ الأمر.
يعود تاريخ الكتابات الفينيقية إلى الألف الأولى ق.م، وقد وجدت في منطقة لبنان وسورية وفلسطين وقبرص، أما اللغة البونية فهي لهجة تطورت عن الفينيقية في بداية القرن التاسع ق.م، في منطقة المستوطنات الفينيقية الواقعة حول حوض المتوسط، وبقيت البونية الفينيقية لغة متداولة حتى القرن الخامس الميلادي.
أما اللغات المؤابية والإدمونية والعمونية فقد كانت منتشرة في منطقة شرق نهر الأردن، لم يبقَ من آثارها سوى بضعة مخطوطات قصيرة يعود تاريخها إلى ما بين القرنين التاسع والخامس ق.م، والأرجح أن اللغة الآرامية قد حلت محلها.
هناك نقوش تثبت أن اللغة المؤابية سادت في منطقة فلسطين، ما بين القرنين الرابع عشر والسادس ق.م. وأشهر النقوش بهذه اللغة هو حجر «ميشع» الذي يعود تاريخه إلى نحو 840ق.م وقد اكتشف هذا الحجر قرب البحر الميت في عام 1868 وهو موجود في متحف اللوفر في باريس.
العبرية: وهي لغة "العهد القديم" يعود تاريخ أقدم نقوشها إلى العام 925ق.م وتتألف من 22حرفاً أبجدياً، وتكتب من اليمين إلى اليسار، تلاشت بوصفها لغة محكية بين القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد وحلت مكانها اللغة الآرامية، أعيد إحياؤها بشكلها الجديد بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين، والفرق بين العبرية القديمة والمحدثة كبير جداً، حتى إنه يصعب على متقن إحداهما أن يفهم الأخرى.
الآرامية: انتشرت الآرامية القديمة وأبجديتها نحو القرن السادس ق.م انتشاراً واسعاً، وكانت لغة مشتركة ولغة الإدارة من أفغانستان حتى مصر، وحلت مكان معظم اللغات السامية القديمة في تلك المنطقة، بما في ذلك الأكدية والعبرية.
توجد آثار في سورية تشير إلى وجود اللغة الآرامية منذ نحو العام 850 ق.م، وقد كتبت بالآرامية أجزاء من أسفار عزرا ودانيال في التوراة (العهد القديم) إضافة إلى بعض الكتابات القديمة المعروفة بمخطوطات البحر الميت.
السريانية: وهي إحدى لهجات اللغة الآرامية الشرقية، تتألف أبجديتها من 22 حرفاً تكتب من اليمين إلى اليسار، وتستمد أهميتها اللغوية من كونها سلف الأبجدية العربية والعبرية وبعض اللغات السامية الأخرى، وكانت لغة الشعائر الدينية المسيحية ما بين القرن الثاني والسابع الميلادي، استخدمت في البداية في منطقة أعالي نهري دجلة والفرات، ثم تطورت وأنتجت تراثاً أدبياً وعلمياً بقي حتى القرن الرابع عش، استخدمت في بادئ الأمر لترجمة الإنجيل.
المجموعة الجنوبية الوسطى: وتضم اللغة العربية واللغة المالطية.
اللغة العربية: تعد العربية أهم لغة سامية على الإطلاق، وموطنها الأصلي هو شمالي شبه الجزيرة العربية. ويبلغ عدد الناطقين بها نحو 250مليوناً موزعين على طول شمالي إفريقيا من الأطلسي وحتى البحر الأحمر وفي الجزيرة العربية وبلاد الشام، وهناك عدد كبير يستعملها لغةً ثانية، وخاصة في الدول الإسلامية كونها لغة القرآن الكريم.
تكتب الأبجدية العربية المؤلفة من 28حرفاً من اليمين إلى اليسار وتعد ثاني أكثر أبجدية استعمالاً في العالم بعد الأبجدية اللاتينية، وتستعمل في كتابة عدد من اللغات الأخرى مثل الفارسية والأوردية.
اللغة المالطية: يبلغ عدد الناطقين بها نحو 350 ألف نسمة، وهي اللغة الرسمية لجزيرة مالطا إلى جانب الإنكليزية..
المجموعة الجنوبية: وتضم اللغات العربية الجنوبية واللغات الإثيوبية.
اللغات العربية الجنوبية: استمدت هذه اللغات أبجديتها من اللغة الكنعانية التي جاءت إلى منطقة جنوبي الجزيرة العربية نحو 1300ق.م ويعود تاريخ النقوش بالعربية الجنوبية إلى ما بين القرن السابع والخامس ق.م، وتفرعت عنها عدة لهجات أهمها السبئية والمعينية والقطبانية والحضرمية، أما اللغات العربية الجنوبية الحديثة فهي لغات غير مكتوبة أخذت العربية تحل مكانها.
اللغات الإثيوبية: وهي أقرب إلى اللغات العربية القديمة التي انتشرت في جنوبي شبه الجزيرة العربية نحو 1000ق.م أقدم لغة إثيوبية معروفة هي الجعزية أو الجيزية المعروفة أيضاً بالإثيوبية.
تغيّرت اللغات السامية بتأثير اللغات الأخرى التي احتكت بها، غير أنها، بالمقارنة مع اللغات الأخرى، حافظت على بعض الخصائص العامة للغات السامية القديمة.
وتقسّم أحرف اللغات السامية نوعين: صوائت وصوامت، والصوامت أكثر أهمية بحيث تتألف الجذورمنها فقط.
تتألف معظم مفردات اللغات السامية من جذر واحد من ثلاثة (وفي بعض الأحيان أربعة) صوامت، وهذا الجذر يحمل المعنى الرئيس للكلمة، وتشتق منه مفردات عديدة من أفعال وأسماء عن طريق إضافة السوابق واللواحق وبتغيير في الصوائت.
فالجذر ع ل م مثلا تتفرع منه المفردات علم، عالم، علّم، معلّم، متعلّم، يتعلم، تتعلم، يتعلمان، يتعلمون، علامة، علماء.
وتُكتَب الصوامت فقط في معظم اللغات السامية، باستثناء البابلية/ الآشورية والإثيوبية، ويشار إلى الصوائت عن طريق إشارات إضافية صغيرة تكتب فوق الصوامت أو تحتها، وهي حركات الضم والفتح والكسر كصوائت قصيرة.
وتتميز هذه اللغات بالعدد الكبير من الأصوات الساكنة الحلقية أو تلك التي تستخدم مخارج الحروف الحلقية، تلاشى معظمها إلا في العربية التي احتفظت بمعظم هذه الأصوات.
يوجد في اللغات السامية علاقة وطيدة بين الأسماء والأفعال، والتصريف متشابه لكل منهما، غالبا ما يشار إلى مركزية الأفعال ولاسيما أن معظم الأسماء تشتق من أفعال، بعكس معظم الأسماء الأساسية التي غالباً ما تكون مصدراً لجذر الفعل ومثال ذلك الفعل «بات» المشتق من الاسم "بيت"، ويكون للفعل في معظم اللغات السامية زمنان فقط (تام وغير تام).
والأسماء تميز المذكر من المؤنث، كما تميز بين العدد فهناك المفرد والمثنى والجمع، تتبع الصفة الاسم الذي تصفه بالجنس والعدد، وفي حال النعت تتبعه أيضاً في اللواحق والتعريف، باستثناء اللغة الإثيوبية.
الأعداد غالباً ما تسبق الاسم وكذلك أسماء الإشارة التي تتبع الاسم إلا في العربية والإثيوبية الحديثة.
لا وجود للمفردات المركبة في اللغات السامية باستثناء بعض أسماء العلم، وتستخدم الضمائر المتصلة بالأسماء والأفعال وحروف الجر، والضمائر المتصلة هي عبارة عن شكل مصغّر للضمائر.
يعتقد بأن ترتيب الجملة الرئيس في معظم اللغات السامية كان على شكل فعل ـ فاعل ـ مفعول به، كما هي الحال في اللغة العربية الفصحى اليوم، غير أن هذا الترتيب تطور اليوم في بعض اللغات السامية ليصبح فاعل ـ فعل ـ مفعول به.